القانون الثانى للثرموديناميكا يبين أن: الكون قد خلق بفعل عمدى
دكتور/ بهاء الدين محمود محمد منصور
ترجمة المؤلف للمقالة العلمية المنشورة:
“The Second Law of Thermodynamics Indicates: The Universe is Created by A Voluntary Action”
1- مقدمة
قانون بقاء الطاقة الذى يعرفه كل من درس العلوم حتى مستوى الثانوية العامة، هو نفسه القانون الأول للثرموديناميكا، و هو وحده لا يكفى لوصف كل الظواهر التى نلاحظها فى تعاملاتنا مع الطاقة و تحولاتها لأن هناك ظاهرة فرق الجهد و هى الظاهرة الناتجة عن فروق الخواص ذات الدفع مثل الضغط و درجات الحرارة ، و أيضا الناتجة عن فروق الفولت فى الكهرباء و تواجد الكتل فى ارتفاعات عن سطح الأرض بما يعنى وجود شغل ميكانيكى مخزون فى هذه الكتلة تبذله أثناء نزولها، ظاهرة فرق الجهد هذه، يتعامل معها، و يصفها القانون الثانى للثرموديناميكا.
فى عام 1850 قدم كلاوزيوس العبارة الآتية للقانون الثانى للثرموديناميكا:
” الحرارة لا يمكن أن تنتقل عفويا بدون مؤثر خارجى ، و ذلك من درجة الحرارة المنخفضة إلى درجة الحرارة الأعلى.”
و قدم أيضا الدالة المرافقة لهذا القانون، و هى دالة الإنتروبى ، و تساوى كمية الحرارة المضافة أو المزالة مقسومة على درجة الحرارة المطلقة ، أى هى ناتج قسمة كميتين مقاستين محسوستين ، و بالتالى هى دالة علمية مقاسة تصف بأرقام محسوبة، ظاهرة تفكك و انهيار فرق الجهد.
فى عام 1872 كشف بولتزمان عن العلاقة بين مفهوم الإنتروبى و الإحتمالات ، مما أدى إلى ظهور علم الثرموديناميكا الإحصائى، بحيث استقر مفهوم زيادة الانتروبى باعتباره انتقال النظام من حالة أقل احتمالا إلى أخرى أكثر احتمالا.
و بعد ذلك ظهر مفهوم الإنتروبى أيضا فى نظرية المعلومات على نفس الأسس المماثلة لعلم الثرموديناميكا الإحصائى.
و هكذا أدى تبادل الإيحاءات و المفاهيم بين القانون الثانى للثرموديناميكا و دالته المرافقة، و هى الانتروبى، إلى إثراء مفهوم ظاهرة فرق الجهد لتشمل، و على نفس النمط المنطقى و الرياضى ، ظاهرة تنسيق المكونات لتكون نظاما يمكن أن يؤدى إلى غرض ما ، باعتباره نوعا من إضافة فرق الجهد (علم الإحصاء الثرموديناميكى) ، و مماثلا أيضا ، و على نفس النمط ، نصف ظاهرة جمع و ترتيب المعلومات ، باعتباره أيضا ، نوعا من إضافة فرق الجهد (نظرية المعلومات).
و هكذا نخلص إلى أن الإنتروبى الاجمالى يأخذ شكل المتجه مركباته هى “اللاتحدد فى المعلومات، و الفوضى فى النظم، و الفقد فى الطاقة الموجودة على فرق جهد” ، [1].
فى عام 1865، قدم كلاوزيوس القانونين الأول و الثانى للثرموديناميكا معا كالآتي:
· طاقة الكون ثابتة
· الإنتروبى فى الكون يتجه إلى قيمته القصوى (مبدأ زيادة الإنتروبى)
تساق التغيرات بتأثير فرق الجهد الذى نحتاج لأن نتحكم فيه لكى نستفيد من هذه التغيرات . أما إذا لم نتحكم فى هذه العمليات فسوف تندفع التغيرات عفويا بتأثير فرق الجهد حتى يستنفذ أو يوجد ما يوقف العملية من خارجها.
على الجانب الآخر، بمفهوم الإنتروبى الإحصائى ، فإن الوصول إلى الإنتروبى الأقصى يعنى الوصول إلى أكثر الحالات احتمالا. بمفاهيم نظرية الاحتمالات، فإن النظم تسعى بطبيعتها إلى الانتقال من الحالة ذات الاحتمال الأقل إلى الحالة ذات الاحتمال الأكبر حتى تصل إلى أكثر الحالات احتمالا.
و هكذا نخلص إلى أن النظم المنعزلة تتجه إلى حالة أقصى إنتروبى عفويا بتأثير فرق الجهد للخواص ذات الدفع و بتأثير الميل إلى الاتجاه إلى الحالات الأكثر احتمالا ، [1].
3- الأفعال العمدية مصدرا لتوليد الإنتروبى السالب
لا يمكن دفع العمليات ضد اتجاهها العفوى إلا بالأفعال العمدية ، و يهدف المؤلف فى هذا البحث إلى بيان أن الإنتروبى السالب هو كمية طبيعية حقيقية يمكن إنتاجها و إضافتها إلى النظم بالأفعال العمدية ، بالنظر إلى صور الإنتروبى ، يمكن تنفيذ أعمال عكس العفوية، مثال لذلك ؛ تقليص اللاتحدد بالمعلومات ، تقليل الفوضى بالأفعال العمدية ، و تخليق الطاقة الحرة (و هى الطاقة القابلة للانطلاق لوجودها على فرق جهد).
بناء على قانون أينشتين، فإن الطاقة و الكتلة يمكن أن يتحول أحدهما إلى الآخر ، و بذلك تكون هذه الطاقة الحرة الناتجة ، هى إنتروبى سالب مخلق من مصدر مصنف من غير أنواع الطاقة ، لأنها ناتجة من الكتلة.
أما المثل البارز الثانى فهو التمثيل الغذائى الضوئى بوساطة النبات ، حيث يتم استخلاص الأكسوجين و تخزين الكربوهيدرات من ثانى أكسيد الكربون و الماء. إنها عملية عكس الاتجاه العفوى للتفاعل الكيماوى تنفذ من خلال سلسلة من الأعمال العمدية و لا يمكن أن تنفذ إلا بوساطة النبات الحى.
مثال
حتى عام 1939 ، كان متجه الإنتروبى السالب لعملية الانشطار النووى قابلا فقط لملء المدخل الأول منه (و هو المعلومات) و بعد وصول المعلومات إلى حجم مناسب ، فإن قرارا بإنتاج الطاقة الحرة (من وقود نووى قابل للانشطار) قد أصبح قابلا للاتخاذ ، و أن هناك عملية صنـاعية قد أصبحت أيضا قابلة للتوصيف. و مع التنفيذ الدقيق لصناعة الانشطار النووى نضع المدخل الثانى للمتجـه. و عندما تم تنفيذ الانشطار النووى ، تم استكمال المدخل الثالث للمتجه بتوليد الطاقة الحرة من مصدر مصنف من غير أنواع الطاقة ، [1].
4- خلق الكون
بناء على القانون الثانى للثرموديناميكا و مبدأ زيادة الإنتروبى معا ، فإن نقص اللاتحدد بظهور المعلومات أو ترتيب النظام أو رفع أى كمية من الطاقة إلى درجة أعلى من فرق الجهد (أى خلق الطاقة الحرة) ، كل هذه العمليات هى أفعال عكس الاتجاه العفوى للتغيير فى الطبيعة، و هذا يعنى أن ” الإنتروبى السالب لا يمكن أن يتولد أو يضاف عفويا فى النظام المعزول “.
بإثبات أن الإنتروبى السالب يمكن إنتاجه بالأفعال العمدية ، و بملاحظة وجود نظم شغالة ، قد تم تجميعها من مكوناتها الأولية بنجاح فضلا عن مخزون الطاقة الحرة الموجود فى الكون لينبىء عن أفعال عمدية قد تم اتخاذها من قبل . هذه الأفعال العمدية قد عكست الميل العفوى للنظم من التحلل إلى التركيب فى نظم منتظمة شغالة. فضلا عن أن هذه الأفعال العمدية قد خلقت الطاقة الحرة التى من المستحيل أن تنشأ عفويا بذاتها حسب القانون الثانى للثرموديناميكا. فضلا عن ذلك فإن عدم تحلل هذه النظم مع صيانتها شغالة مع التحكم فى إنفاق الطاقة الحرة دون انطلاقها عفويا ليشير إلى أن هناك أفعالا عمدية لازالت تقدم و تضاف إلى هذا الكون.
إذا نظرنا إلى عناصر هذه الأفعال العمدية فلابد من أن تكون هى نفسها عناصر الإنتروبى السالب. و هى ” المعلومات الضرورية، القدرة على ترتيب النظم/الكون فضلا عن خلق الطاقة الحرة”. و من يفعل ذلك لابد من أن يكون هو ” العليم ، الخبير ، القدير ، سبحانه ” ، و بذلك تنبثق صحة هذه القضية الهامة للفلسفة المثالية و قضية الإيمان بالله سبحانه و تعالى من التداعيات المنطقية الناتجة بالضرورة من القانون الثانى للثرموديناميكا الضارب بجذوره فى أعماق العلوم الطبيعية ، و بذلك يكتسب القول بأن الكون قد تم خلقه بفعل عمدى قوة و يقين القضية العلمية الصحيحة ، [2].
===========================
المراجع
[1] Mansour B. (2000), “Entropy Reduction by Voluntary/Intended Actions”, Proceedings of Cairo 7th International Conference on Energy and Environment, Cairo.
[2] Mansour B. (2000), “The second law of thermodynamics indicates: The Universe is created by a voluntary action”, Proceedings of Al-Azhar Engineering 6th International Conference (AEIC 2000), Al-Azhar University Engineering Journal, Vol. 7, Cairo.